السبت، 20 فبراير 2010

إعادة برمجة حياتنا

عادة ما تتهم الدول بعدم إعدادها لاستراتيجية أو خطط مستقبلية، وعدم وجود رؤية واضحة، وفي حقيقة الأمر فإن واقع الدول هو انعكاس لما يعيشه الأفراد، كونهم يمثلون النواة لبناء الدولة، ويرسمون المستقبل.

كلما كان الأفراد في أي مجتمع منظمين، توسعت الدائرة في التنظيم، ليشمل التنظيم بعد الأفراد الأسرة، ثم نطاق الحي او المنطقة، ثم بيئة العمل التي يعملون بها، وهكذا حتى تشمل الدائرة المجتمع بأسره، والدولة بقطاعاتها المختلفة.

في واقع الامر هناك أفراد في مجتمعنا تغيب عنهم عقلية التفكير المستقبلي، ولا يعرفون ماذا يريدون في ابسط الامور الخاصة بالحياة اليومية، ولو استشهدنا بأمثلة لضاقت المساحة المتاحة، ولكن هناك امور تقع فيها الغالبية العظمى منا خلال تدبير الشؤون الحياتية.

من يخطط ليومه، لا أقول لأسبوعه أو شهره؟ اعتقد انه لا أحد، إلا من رحم ربي.

نحن ندخل جمعية تعاونية او مركزا تجاريا لشراء سلع محددة، ولكن اذا بنا نقوم بشراء أشياء غير مدرجة أساسا ضمن القائمة الذهنية التي نحن حددناها سلفا، وبدلا من شراء السلع التي ذهبنا من أجلها اذا بنا نقوم بشراء أمور أخرى هي بعيدة تماما عما نريده، واحيانا كثيرة ربما هي موجودة في منازلنا!

وربما أقرب مثال في الوقت الراهن التجهيزات المدرسية التي تقوم بها الأسر استعدادا لالحاق ابنائها بالمدارس، فالغالبية العظمى منا تذهب الى اماكن وجود هذه المستلزمات دون ان تستحضر في ذهنها ماذا تريد تحديدا، اللهم انها تريد شراء ادوات مدرسية لأبنائها، وبالتالي عندما تصل الى الجهات المطلوبة، فإنها تحمل في العربة كل ما تقع عليه عينها، والقيام بشراء أدوات مدرسية أكثر مما هو مطلوب، في حين انه كان يمكن تقسيط الشراء على مراحل، حتى لا نسبب لانفسنا ضغطا على الميزانية العامة، هذا اذا حددت ميزانية أصلا مسبقا، لاننا نذهب الى اماكن الشراء دون وضع ميزانية لما نريد شراؤه .

يفترض علينا قبل الذهاب الى أماكن الشراء كتابة ماذا نريد تحديدا، وعدم الاكتفاء بما يجول في خاطرنا او ذهننا، بل لابد من تحديد ذلك، واعتماد ميزانية، فهذا أبسط شيء يمكن للفرد عمله، ولكن للأسف قلما نجد أفرادا يفعلون ذلك.

تجد أفرادا في الجمعيات التعاونية او المراكز التجارية محملة عرباتهم بمواد تموينية وسلع غذائية تكفي لعدد من الأسر، في حين أن عدد أفراد أسرته ربما لايتجاوزن الخمسة أشخاص، واذا ما سألته عن السبب الذي يدفعه للاقدام على مثل هذه الخطوة، تكون الاجابة جاهزة: «خليه يزيد ولا ينقص»!

سياسة خاطئة تتبعها الغالبية من الأفراد والأسر في حياتهم اليومية، سواء المعيشية والاستهلاكية والتنظيمية، وهو ما يفرض علينا تغيير هذا النمط غير الصحي، واعادة برمجة حياتنا من جديد.

جابر الحرمي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق